فصل: 1893 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى‏:‏ أَنْ لاَ يَطَأَ امْرَأَتَهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


أَحْكَامُ الْإِيلاَء

1893 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى‏:‏ أَنْ لاَ يَطَأَ امْرَأَتَهُ، أَوْ أَنْ يَسُوءَهَا، أَوْ أَنْ لاَ يَجْمَعَهُ، وَإِيَّاهَا فِرَاشٌ، أَوْ بَيْتٌ، سَوَاءً قَالَ ذَلِكَ فِي غَضَبٍ أَوْ فِي رِضًا لِصَلاَحِ رَضِيعِهَا، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ فَسَوَاءٌ وَقَّتَ وَقْتًا سَاعَةً فَأَكْثَرَ إلَى جَمِيعِ عُمْرِهِ أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ‏:‏ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ‏.‏ وَهُوَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُوقِفَهُ، وَيَأْمُرَهُ بِوَطْئِهَا، وَيُؤَجِّلَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ يَحْلِفُ، سَوَاءً طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَطْلُبْ، رَضِيَتْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَرْضَ‏.‏ فَإِنْ فَاءَ فِي دَاخِلِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ فَلاَ سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى لَمْ يَعْتَرِضْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ، فَإِذَا تَمَّتْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ بِالسَّوْطِ عَلَى أَنْ يَفِيءَ فَيُجَامِعَ أَوْ يُطَلِّقَ، حَتَّى يَفْعَلَ أَحَدَهُمَا، كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ يَمُوتَ قَتِيلَ الْحَقِّ إلَى مَقْتِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَصْلاً، فَلاَ يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ مَا لاَ يُطِيقُ، لَكِنْ يُكَلَّفُ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ، وَيُحْسِنَ الصُّحْبَةَ، وَالْمَبِيتَ عِنْدَهَا، أَوْ يُطَلِّقَ، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلاَقُ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ‏.‏ وَمَنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُ الْإِيلاَءِ، لَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى وَطْئِهَا كَمَا قَدَّمْنَا قَبْلُ‏.‏ وَمَنْ حَلَفَ فِي ذَلِكَ بِطَلاَقٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ مَشْيٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُؤْلِيًا، وَعَلَيْهِ الأَدَبُ، لأََنَّهُ حَلَفَ بِمَا لاَ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ‏.‏

برهان ذَلِكَ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏ فَهَذِهِ الآيَةُ تَقْتَضِي كُلَّ مَا قلنا، لأََنَّ الأَلِيَّةَ هِيَ الْيَمِينُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إِلاَّ بِاَللَّهِ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَحْلِفْ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، فَلَيْسَ حَالِفًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ‏.‏ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَنْ وَقَّتَ مِمَّنْ لَمْ يُوَقِّتْ، وَلاَ مَنْ اسْتَثْنَى مِمَّنْ لَمْ يَسْتَثْنِ، وَلاَ مَنْ طَلَبَتْهُ امْرَأَتُهُ مِمَّنْ لَمْ تَطْلُبْهُ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عَبْدِهِ لاَ لَهَا‏.‏

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ وَالآبِي مِنْ الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلاَقِ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ‏:‏ مُعْلِنٌ بِالْمُنْكَرِ، فَوَاجِبٌ تَغْيِيرُهُ بِالْيَدِ مَا دَامَ مُظْهِرًا لِلْمُنْكَرِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعَارَضَ بِشَيْءٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، لأََنَّهُ نَصُّ الآيَةِ‏.‏ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فَهَجَرَهُنَّ كُلَّهُنَّ شَهْرًا ثُمَّ رَاجَعَهُنَّ، فَمَنْ فَعَلَ كَذَلِكَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا فَاءَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ‏.‏ وَالْعَاجِزُ عَنْ الْجِمَاعِ إذَا حَلَفَ مُؤْلٍ مِنْ امْرَأَتِهِ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ جِمَاعًا مِنْ غَيْرِهِ فَوَاجِبٌ أَنْ يُكَلَّفَ مِنْ الْفَيْئَةِ مَا يُطِيقُ، وَهُوَ مُطِيقٌ عَلَى الْفَيْئَةِ بِلِسَانِهِ، وَمُرَاجَعَتُهُ مَضْجَعُهَا، وَحُسْنُ صُحْبَتِهَا‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏}‏‏.‏

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏ فَمَنَعَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ عَزِيمَتَهُ الطَّلاَقَ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّ طَلاَقَ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ فُضُولٌ، وَبَاطِلٌ، وَتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، أَوْ أَنْ يَفِيءَ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ عَلَى مَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، لاَ عَلَى مَنْ آلَى مِمَّنْ لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ الْحُكْمُ حِينَ كَوْنِ مَا يُوجِبُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، إِلاَّ بِنَصٍّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الْإِيلاَءِ، لأََنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ أَحْسَنَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ‏}‏‏.‏ وَفِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرْنَا خِلاَفٌ، قَدْ رَأَى قَوْمٌ أَنَّ الْهِجْرَةَ بِلاَ يَمِينٍ لَهُ حُكْمُ الْإِيلاَءِ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ‏:‏ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ‏:‏ مَا فَعَلَتْ أَهْلُكَ عَهْدِي بِهَا لَسُنَّةٌ سَيِّئَةُ الْخَلْقِ قَالَ‏:‏ أَجَلْ وَاَللَّهِ لَقَدْ خَرَجَتْ وَمَا أُكَلِّمُهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ عَجِّلْ السَّيْرَ، أَدْرِكْهَا قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنْ مَضَتْ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ‏.‏ وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ الْإِيلاَءُ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لاَ يَأْتِيَهَا أَبَدًا‏.‏ وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ الْإِيلاَءَ إنَّمَا هُوَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ عَلَى الْجِمَاعِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَيْسَ إيلاَءٌ‏.‏ وَمِمَّنْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِنَا بَعْضُ السَّلَفِ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ‏:‏ إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ لَيَغِيظَنَّهَا، أَوْ لَيَسُؤَنَّهَا، أَوْ لَيَحْرِمَنَّهَا، أَوْ لاَ يَجْمَعُ رَأْسَهُ وَرَأْسَهَا‏:‏ فَهُوَ إيلاَءٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ كُلُّ يَمِينٍ حَالَتْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَهِيَ إيلاَءٌ‏.‏ وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فِي الأَيْمَانِ بَعْضُ السَّلَفِ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْ قَرُبْتُك قَالَ لَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مَسِسْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ لَيْسَ ذَلِكَ بِإِيلاَءٍ، لَيْسَ الطَّلاَقُ بِيَمِينٍ فَيَكُونُ إيلاَءً‏.‏ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ‏:‏ إنْ قَالَ‏:‏ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ أَنْتِ كَأُمِّي، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَرُبْتُك‏:‏ فَهُوَ إيلاَءٌ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إنْ حَلَفَ بِطَلاَقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صِيَامٍ فَهُوَ إيلاَءٌ، فَإِنْ حَلَفَ بِنَذْرِ صَلاَةٍ، أَوْ بِأَنْ يَطُوفَ أُسْبُوعًا، أَوْ بِأَنْ يُسَبِّحَ مِائَةَ مَرَّةٍ فَلَيْسَ مُؤْلِيًا‏.‏ وَهَذَا كَلاَمٌ يُغْنِي سَمَاعُهُ عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِنَا فِي الْمُدَّةِ طَائِفَةٌ‏:‏ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ وَبَرَةَ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ فَأَتَوْا فِي ذَلِكَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَجَعَلَهُ إيلاَءً‏.‏ قَالَ سُفْيَانُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَغَيْرُهُ‏:‏ إذَا آلَى يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً فَهُوَ إيلاَءٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ‏:‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ شَهْرًا، فَمَكَثَ عَنْهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَ عَطَاءٌ‏:‏ ذَلِكَ إيلاَءٌ سَمَّى أَجَلاً أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يُرِيدُ هِيَ تَطْلِيقَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَهُوَ إيلاَءٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَمْرَأَتِهِ‏:‏ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُهَا اللَّيْلَةَ، فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ كَانَ تَرَكَهَا لِيَمِينِهِ فَهُوَ إيلاَءٌ‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهْوَيْهِ‏.‏ وَصَحَّ خِلاَفُ هَذَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَعَنْ طَاوُوس‏:‏ إذَا حَلَفَ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ إيلاَءً وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ‏.‏

وقال مالك، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُهُمْ‏:‏ لاَ يَكُونُ مُؤْلِيًا حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَبَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ، إنَّمَا الْمُؤْلِي مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ كِلاَ الْقَوْلَيْنِ خِلاَفٌ لِنَصِّ الآيَةِ، إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيلاَءَ مِنْ نِسَائِهِمْ دُونَ تَوْقِيفٍ، ثُمَّ حَكَمَ بِالتَّوْقِيفِ وَالتَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَكَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ بِإِلْزَامِ الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلاَقِ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ‏:‏ لاَ إيلاَءَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي غَضَبٍ‏:‏ فَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الأَسَدِيِّ قَالَ‏:‏ قُلْت لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏:‏ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةَ أَخِي وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَ أَخِي فَقُلْت‏:‏ هِيَ طَالِقٌ إنْ قَرِبْتهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ إنَّمَا أَرَدْت الْإِصْلاَحَ لَك وَلأَبْنِ أَخِيك، فَلاَ إيلاَءَ عَلَيْك، إنَّمَا الْإِيلاَءُ مَا كَانَ فِي الْغَضَبِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ هُشَيْمٌ‏:‏ وَحَدَّثَنَا أَبُو وَكِيعٍ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ إنَّمَا جُعِلَ الْإِيلاَءُ فِي الْغَضَبِ‏.‏ وَمِمَّنْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ‏:‏ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا الْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ الضَّبِّيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي قَوْلِ مَنْ يَقُولُ‏:‏ إنَّمَا الْإِيلاَءُ فِي الْغَضَبِ فَقَالَ‏:‏ لاَ أَدْرِي مَا يَقُولُونَ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}

قال أبو محمد صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رحمه الله وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ‏.‏

وَأَمَّا الأَخْتِلاَفُ فِي هَلْ يَقَعُ طَلاَقٌ بِمُضِيِّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ أَمْ لاَ يَقَعُ بِذَلِكَ طَلاَقٌ فَاَلَّذِينَ قَالُوا بِمُضِيِّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ يَقَعُ الطَّلاَقُ‏:‏ فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ‏:‏ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالاَ فِي الْإِيلاَءِ‏:‏ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ، وَهِيَ أَمْلَكُ بِنَفْسِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ إذَا آلَى مِنْهَا فَمَضَتْ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَلاَ يَخْطُبُهَا غَيْرُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ هُوَ الضَّرِيرُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالاَ جَمِيعًا إذَا آلَى فَلَمْ يَفِئْ حَتَّى تَمْضِيَ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ قَالَ إسْمَاعِيلُ‏:‏ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي الْإِيلاَءِ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَتَتَزَوَّجُ، وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ إذَا آلَى مِنْهَا فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَيَخْطُبُهَا فِي عِدَّتِهَا، وَلاَ يَخْطُبُهَا غَيْرُهُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا خِلاَفُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لأََنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مَعَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ‏.‏ وَرَأَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا تَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ‏.‏ وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ‏:‏ وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ‏:‏ إذَا آلَى الرَّجُلُ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ‏.‏ وَبِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَسْرُوقٌ

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلاً اسْتَفْتَاهُ فِي إيلاَئِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ‏:‏ إذَا مَضَتْ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ بَانَتْ مِنْك بِتَطْلِيقَةٍ وَتَعْتَدُّ بِثَلاَثِ حِيَضٍ فَتَخْطُبُهَا إنْ شِئْت وَشَاءَتْ، وَلاَ يَخْطُبُهَا غَيْرُك‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ شُرَيْحٍ ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ عَطَاءٌ‏.‏ وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالأَوْزَاعِيُّ وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ‏:‏ أَنْ تَعْتَدَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِمُضِيِّ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فِي الْإِيلاَءِ‏:‏ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ الزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ‏:‏ يُوقَفُ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ‏:‏ فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا كَانَتْ لاَ تَرَى الْإِيلاَءَ شَيْئًا حَتَّى يُوقَفَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، كِلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْإِيلاَءِ‏:‏ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ امْرَأَتُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُوس عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ‏:‏ يُوقَفُ الْمُؤْلِي فأما أَنْ يَفِيءَ

وَأَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ لاَ يَرَى الْإِيلاَءَ شَيْئًا وَإِنْ مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوقَفَ‏.‏

وَصَحَّ عَنْ عَلِيٍّ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ‏:‏ شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَوْقَفَ رَجُلاً عِنْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ بِالرَّحْبَةِ‏:‏ إمَّا أَنْ يَفِيءَ وَأَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ إذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ وُقِفَ عِنْدَ تَمَامِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، وَقِيلَ لَهُ‏:‏ إمَّا تَفِيءُ،

وَأَمَّا تَعْزِمُ الطَّلاَقَ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ يُوقَفُ الْمُؤْلِي عِنْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فأما أَنْ يَفِيءَ، وَأَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وطَاوُوس، وَمُجَاهِدٍ؛ كُلِّهِمْ‏:‏ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ‏:‏ يُوقَفُ فِي الْإِيلاَءِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فأما أَنْ يُطَلِّقَ وَأَمَّا أَنْ يَفِيءَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ‏:‏ أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشْرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهُمْ يَقُولُ فِي الْإِيلاَءِ‏:‏ يُوقَفُ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وطَاوُوس، وَمُجَاهِدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، كُلِّهِمْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّ الْمُؤْلِيَ يُوقَفُ‏:‏ فأما أَنْ يَفِيءَ

وَأَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ‏.‏ وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، كُلِّهِمْ يَقُولُ‏:‏ يُوقَفُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ‏:‏ أَدْرَكْت النَّاسَ يَقْفُونَ صَاحِبَ الْإِيلاَءِ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ‏:‏ فأما أَنْ يَفِيءَ وَأَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ ‏"‏ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ، إِلاَّ أَنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يَقُولاَنِ‏:‏ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ إنْ أَبَى‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا فَذَلِكَ سُقُوطُ الْإِيلاَءِ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا عَادَ عَلَيْهِ التَّوْقِيفُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ ذِي قَبْلٍ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِنْ وَطِئَهَا سَقَطَ الْإِيلاَءُ، وَإِلَّا عَادَ عَلَيْهِ التَّوْقِيفُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ إِلاَّ بَعْدَ زَوْجٍ‏.‏

قال علي‏:‏ وهذا قَوْلٌ فَاسِدٌ، لأََنَّهُ يُصَيِّرُ التَّوْقِيفَ فِي الْإِيلاَءِ بِلاَ شَكٍّ عَامًا كَامِلاً، وَهَذَا خِلاَفُ الْقُرْآنِ، وَإِذَا بَطَلَ التَّوْقِيفُ بَطَلَ الْإِيلاَءُ الَّذِي أَوْجَبَهُ بِلاَ شَكٍّ‏.‏

وقال مالك‏:‏ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا سَقَطَ عَنْهُ الْإِيلاَءُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَانَتْ عَنْهُ عِنْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِ الْحَاكِمِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا كَلاَمٌ لاَ نَدْرِي كَيْفَ قَالَهُ قَائِلهُ إذْ لَيْسَ فِي الْبَاطِلِ أَكْثَرُ مِنْ إجَازَةِ كَوْنِ امْرَأَةٍ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ صَحِيحِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلاَقِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَمَا نَعْلَمُ فِي أَيِّ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وُجِدَ هَذَا وَاعْلَمُوا أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَلاَ قَالَهُ أَحَدٌ غَيْرَهُ إِلاَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِتَقْلِيدِهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الَّذِي اتَّبَعَهُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ‏:‏ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، لَمْ يُحْفَظْ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ، وَلِلسُّنَنِ كُلِّهَا، وَلِلْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ‏:‏ أَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ‏}‏ فَجَعَلَ عَزِيمَةَ الطَّلاَقِ إلَى الزَّوْجِ الْمُؤْلِي لاَ إلَى غَيْرِهِ‏.‏

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}‏‏.‏ فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُطَلِّقَ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِهِ، لاَ حَاكِمٌ، وَلاَ غَيْرُ حَاكِمٍ‏.‏

وَأَمَّا السُّنَنُ فَإِنَّهَا إنَّمَا جَاءَتْ فِي مَوَاضِعَ مَعْرُوفَةٍ بِفَسْخِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا بِطَلاَقِ أَحَدٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلاَ أَصْلاً، وَكُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا كَلِمَةٌ، فَإِنَّمَا قَالَ بِقَوْلِنَا‏:‏ إمَّا أَنْ يَفِيءَ، وَأَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى أَيُّهُمَا شَاءَ، وَلاَ بُدَّ‏.‏

وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَجَازُوا أَنْ يُطَلِّقَ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُؤْلِي وَلَمْ يُجِيزُوا أَنْ يَفِيءَ عَنْهُ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ لاَ يَحِلُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَحِلَّ فَرْجَ امْرَأَةِ سِوَاهُ فَيَكُونُ زِنًى

قلنا لَهُ‏:‏ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُبِيحَ فَرْجَ امْرَأَةِ سِوَاهُ لِغَيْرِ زَوْجِهَا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَيْهِ فَيَكُونُ إبَاحَةً لِلزِّنَا، وَلاَ فَرْقَ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَيْهِ

قلنا‏:‏ وَلاَ فَرْقَ، وَمَا أَجَزْنَا قَطُّ أَنْ يَفْسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فِي الْعَالَمِ عَنْ زَوْجِهَا، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا‏.‏

قلنا‏:‏ كُلُّ نِكَاحٍ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسْخَهُ‏:‏ فَهُوَ مَفْسُوخٌ، سَوَاءً أَحَبَّ الْحَاكِمُ ذَلِكَ أَوْ كَرِهَهُ، وَلاَ مَدْخَلَ لِلْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ، وَلاَ رَأْيَ لَهُ فِيهِ، إنَّمَا الْحَاكِمُ مُنَفِّذٌ بِقُوَّةِ سُلْطَانِهِ كُلَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ، وَكُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ مِمَّا عَدَا مَا ذَكَرْنَا فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا‏.‏

1894 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِي الْإِيلاَءِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ، أَوْ الأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، أَوْ الذِّمِّيَّةِ الْكَبِيرَةِ أَوْ الصَّغِيرَةِ سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، لأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إيلاَءُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ‏:‏ بَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ إيلاَءُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ

وَرُوِّينَا عَنْهُ أَيْضًا إيلاَءُ الأَمَةِ شَهْرَانِ، وَلاَ يَصِحُّ أَيْضًا، لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ قَالَ‏:‏ طَلاَقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَإِيلاَؤُهَا شَهْرَانِ، وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ أَنْ لاَ إيلاَءَ لِلْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ، وَهُوَ شَهْرَانِ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ الأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ‏.‏ فَإِنَّ مَوَّهُوا بِعُمَرَ

قلنا‏:‏ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ الْإِيلاَءُ مِنْ الأَمَةِ شَهْرَانِ وَجَاءَ عَنْهُ‏:‏ لاَ يَنْكِحُ الْعَبْدُ إِلاَّ اثْنَتَيْنِ، فَخَالَفْتُمُوهُ، وَهَذَا تَلاَعُبٌ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَإِيلاَءُ زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ عَنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِيلاَءُ زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ عَنْهَا شَهْرَانِ

وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ إيلاَءُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِنْ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ سَوَاءٌ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لاَ حُجَّةَ لأََحَدٍ مِنْ الْقُرْآنِ‏.‏

1895 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَمَنْ آلَى مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ‏:‏ وُقِفَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ مِنْ حِينِ يَحْلِفُ، فَإِنْ فَاءَ إلَى وَاحِدَةٍ سَقَطَ حُكْمُهَا، وَبَقِيَ حُكْمُ الْبَوَاقِي، فَلاَ يَزَالُ يُوقَفُ لِمَنْ لَمْ يَفِئْ إلَيْهَا حَتَّى يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لأََنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى أَشْيَاءَ مُتَغَايِرَةٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ حُكْمُهَا، وَهُوَ مُؤْلٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏.‏

1896 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَمَنْ آلَى مِنْ أَمَتِهِ فَلاَ تَوْقِيفَ عَلَيْهِ، لأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ‏}

فَصَحَّ أَنَّ حُكْمَ الْإِيلاَءِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ فِيهَا الْفَيْئَةُ أَوْ الطَّلاَقُ، وَلَيْسَ فِي الْمَمْلُوكَةِ طَلاَقٌ أَصْلاً فَصَحَّ أَنَّهُ فِي الْمُتَزَوِّجَاتِ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1897 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَأَمَّا قَوْلُنَا فِيمَنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا‏:‏ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلاَءِ فَلأََنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا قَالَ‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ‏}‏ فَمَنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَمْ يُؤْلِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ، فَلاَ إيلاَءَ عَلَيْهِ‏.‏

فإن قيل‏:‏ قَدْ صَارَتْ مِنْ نِسَائِهِ‏.‏

قلنا‏:‏ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَسْقُطَ الْحُكْمُ حِينَ إيجَابِهِ، وَيَجِبَ حِينَ لَمْ يَجِبْ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصٌّ وَارِدٌ، وَلاَ جَاءَتْ بِهِ سُنَّةٌ، وَلأََنَّ التَّرَبُّصَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ حَيْثُ يُؤْخَذُ بِالْفَيْئَةِ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ تَمَّ ‏"‏ كِتَابُ الْإِيلاَءِ ‏"‏ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ عَوْنِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ‏.‏